موقع دروسي

مستجدات تربوية ملخصات جذاذات دروس فروض امتحانات

مستجدات التعليم

مستجدات

مستجدات التعليم
جاري التحميل ...

الإضراب عن العمــل وموقف الشرع الإسلامي الحكيم منه

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد واخوانه الانبياء وعلى اله وصحبه،اما بعد:
اعلم – اخي –:
ان الحديث عن ظاهرة الاضراب عن العمل التي تجري في بعض بلاد المسلمين، بهدف المطالبة ببعض الحقوق كما يقول اصحابها، اصبح حديثا ضروريا وخاصة بعد عموم البلوى بذلك – وللاسف الشديد -؛ فالمقام محتاج – ولا بد – الى بيان الحكم الشرعي فيها. والحكم على الشيء فرع عن تصوره , وصورة ظاهرة الاضراب هي: اخلال بعقد الاجارة والعقد كما هو معلوم شريعة المتعاقدين ، فما هي الاجارة وما هي احكامها؟
الاجارة لغة:مشتقة من الاجر، وهو الجزاء على العمل. وفي الاصطلاح: عقد على منفعة، مقصودة، معلومة، قابلة للبذل، والاباحة، بعوض معلوم. وايضا َعَرَّفَهَا الْفُقَهَاءُ بِأَنَّهَا عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ عَلَى تَمْلِيكِ مَنْفَعَةٍ بِعِوَضٍ . (د.نوح،ابراء الذمة/107. والموسوعة الكويتية/اجارة. والتعريفات،للجرجاني) .
ان الاجارة والتي هي ايجاب وقبول بين طرفين على عمل معلوم منفعته واجر معلوم كذلك هي اجارة صحيحة وملزمة باتفاق المسلمين. وعليه فليس للعامل طلب الزيادة على اجرته المتفق عليها على وجه الالزام باتفاق الائمة، والا كان عاص اثم ظالم مستحق للعقوبة، ومن اعانه على ذلك فقد اعانه على الاثم والعدوان. (الفتاوى).
ومن احكام الاجارة كذلك انها لازمة للطرفين لم يكن لواحد منهما فسخها بغير سبب يوجب ذلك لاجل الزيادة ونحوها من تعديلات. (مجموع الفتاوى، وابراء الذمة).
ومن احكام الاجارة كذلك ان من عطل المنفعة التي استؤجر للقيام بها لا يستحق تلك الاجرة والا كان ذلك المال ظلما وسحتا، ولا نزاع بين الائمة في ذلك ،فاذا تم العقد وجب اداء العمل المتعاقد عليه على الوجه الكامل بحسب ما يقتضيه العرف ايضا،واذا استوفيت المنفعة،استحق العامل الاجرة . (مجموع الفتاوى، وابراء الذمة).
واعلم أن من القواعد الكلية لشريعتنا الغراء ، أنه لايجوز للإنسان أن يضر نفسه ، أويضرغيره بقول أوفعل أو سبب ، وسواء كان له في ذلك نوع منفعة أولا،وهذا عام في كل حال على كل أحد، ولفظ القاعدة الجامع ((لاضررولاضرار )). ومن فقه هذه القاعدة علم ان الاضراب عن العمل ولو لتحصيل بعض المنافع يعد اخلالا بالعقد المسبق ،
-1-
ومعلوم ان الضرر العام وان ادى لتحقيق النفع الخاص لفرد او فئة فانه يعد من الوسائل المحرمة اتفاقا. وهذا ولو لم يكن هناك عقد، كيف وقد تم العقد. يقول الاستاذ مصطفى الزرقا – رحمه الله - :وان ارادة احد الطرفين لا تستطيع هدم العقد ولا تعديله بعد الانعقاد الحاصل من ارتباط الايجاب بالقبول ما لم يتفقا على الاقالة، فان اللزوم فكرة اساسية ضرورية في العقود، ولولاها لفقد العقد اهم مزاياه في بناء الاعمال والحياة الاكتسابية. والاجتهادات الفقهية متفقة على هذا.اهـ.
إنّ هذه الظاهرة ينكرها كل ذي فطرة سليمة، وقد قال ابن مسعود – رضي الله عنه –:"هلك من لم يكن له قلب يعرف به المعروف وينكر به المنكر".(اغاثة اللهفان). فان المنفعة المقصودة وهي التربية والتعليم او معالجة المرضى ان كنت طبيبا او...الخ، لا تتم الا بعملك، وعملك لا يكون الا بالحرص على تحقيق تلك المنفعة جهدك واخلاصك.
فسددوا وقاربوا واتقوا الله تعالى واعلموا انه. نعم المولى ونعم النصير
والسؤال:
متى يحل للعامل معلما او طبيبا...الخ، متى يحل له طلب الزيادة عدا عن الالزام بذلك؟ (الفتاوى)
ج- يحل طلب الزيادة حيث تكون الإجارة غير لازمة وذلك حيث يكون العامل متمكنا من الخروج من العمل اذا شاء، وكان المؤجر متمكنا من ان يخرجه ويؤجر غيره، ففي هذه الحال يجوز طلب الزيادة - من غير الزام - او الترك، وبغير ذلك فالعقد باق على العهد وهو اصل الاتفاق من الايجاب والقبول). والله عز وجل يقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ), ويقول تعالى: (وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً), والموظف تقدم للعمل في الحكومة وهو يعلم أن على كل موظف بدخوله الوظيفة التزام منه بما تعاقد عليه.. هذه شريعة العقد،ولو قلنا ان طارئا طرأ على العمل او الاجرة، قد يجوز فسخ العقد أي ترك العمل بالاقالة، اما المطالبة بزيادة الاجرة والالزام بها واعتبار ذلك حقا من الحقوق، فلم يقل بذلك أحد من أهل العلم.
فإن قيل:اضرابنا عن العمل طاعة منَّا لنقابتنا، وقد أقرّ النقابة ولي الأمر.
فأقول: ان الاضراب عن العمل بعد الاتفاق عليه ايجابا وقبولا يعد ذلك من المحرمات باتفاق الائمة ، فكيف اذا كان معه الحاق الضرر بالآخر؟! وعليه فأمر النقابة بالاضراب، أمر بمعصية الله، وعندها نقول بقول نبينا – صلى الله عليه وسلم -:"لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق".
وعليه فان المال المكتسب يكون حراما عدا عن الاثم، والسؤال عن ذلك سيكون بين يدي الرب العلي سبحانه وتعالى. "وقفوهم انهم مسؤولون".
فإن قيل: نحن نقر بانه لا خلاف بعدم جواز الاخلال باي عقد على المستوى الفردي او المؤسسي المجتمعي ... الخ، والا عمّت الفوضى . ونحن لم نخل بالعقد ، ومطالبتنا بالزيادة هي مطالبة بحق وَعَدَنَا به واقره لنا المستأجر أي الحكومة. إضافة إلى إقرار القانون لحق الاعتصام.
فنقول: وكلنا كذلك مع صاحب الحق حتى يحصل على حقه وقدوتنا في ذلك بعد نبينا – صلى الله عليه وسلم -، ابو بكر – رضي الله عنه - القائل:القوي فيكم ضعيف عندي حتى آخذ الحق منه ، والضعيف فيكم قوي عندي حتى آخذ الحق له، لكن لا بد ان نفرق بين اقرار القانون لحق الاعتصام وبين الاضراب. ومعرفة المقصود من هذه المصطلحات - المستوردة - يعيننا على معرفة الحكم الشرعي وذلك ان الحكم على الشيء فرع عن تصوره. واليكم البيان:
الاعتصام هو اجتماع او وقوف اصحاب حق في مكان وزمان مناسبين للمطالبة بذلك الحق، من غير اضرار بأحد، وهذا ما أقره القانون. اما الاضراب فهو ترك للعمل سواء صاحبه اعتصام ام لا.
فالاول وهو الاعتصام وان كان محل خلاف بين اهل العلم الا ان القول بجوازه ليس ببعيد، اما الثاني وهو الاضراب فمنه المباح(على قول) ومنه المحرم.
ومثال المباح:كمماطلة صاحب شركة،اومؤسسة،اومزرعة...الخ، بحقوق عماله، فهذا النوع يعود ضرره على مغتصب الحق المماطل فيه مع عدم الاضرار بآخرين لا ذنب لهم. (انظر، فتاوى الاسلام سؤال وجواب: سؤال رقم/ 5230 ).
ومثال الثاني:ما كان لاصحابه حق لا ننكره، الا ان استخدامهم لوسيلة الاضراب عن العمل يضر بآخرين لا ذنب لهم، وهنا تكون وسيلة الاضراب قائمة على رفع ظلم بظلم، وحقيقته طلب غاية نبيلة بوسيلة غير نبيلة. ومن المعلوم ان الغاية لا تبرر الوسيلة، وخاصة اذا كان ضررها يفوق المصلحة المرادة او يساويها، والسؤال عن هذه الوسيلة سيكون بين يدي الرب العلي سبحانه وتعالى، في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون، فالله الله في طلب مرضاة ربكم الذي كلنا اليه راجعون وبين يديه موقوفون وعن اعمالنا مسؤولون، ومن علم انه مسؤول فليعد للسؤال جوابا، سائلين الله لنا ولكم السلامة، وان يوفق الجميع لما يحبه ويرضاه.
تنبيه مهم:
اعلم – أخي -: أنّ القول بعدم جواز الاضراب عن العمل، لا يعني أننا ضدّ أن يستفيد أصحابه أيا كانو معلمين،وأطباء ، ... الخ، فمن منّا يرضى بالضيم ؟ لا أحد. ومن منّا لا يحب أن يزداد دخله وتتحسن أوضاعه؟ لا أحد. ومن يكره المال وقد جبلت النفوس على حبه. قال الله تعالى:"وتحبون المال حبا جما". لذا نتمنى ونرجوا لكل بانٍ من بناة الأمة ولكل ابن من أبنائها أن يحصل على قدر من الدخل المادي ولو بمقدار الحد الأدنى من الكفاف، وكون هذا لم يقع ، لا يجيز لنا أن نعالج التقصير بالتقصير ونرد الخطأ بالخطأ، فمن المعلوم أنّ الغاية لا تبرر الوسيلة، فإذا كانت غايتنا مشروعة، فلا بدّ كذلك أن تكون وسيلتنا مشروعة، مشروعة زمانا ومكانا وكيفية .
-3-
ومعلوم أنّ الضرر العام وإن أدى إلى تحصيل نفع خاص سواء لفرد أو فئة، فإنه يعد من الوسائل المحرمة اتفاقا.
مثال:لو كان لي على أخيك حق، فأبى إعطائي إياه وماطلني فيه إما عجزا أو ظلما، وكان لك عندي حق، أو وقعت في مشكلة إحتجت فيها وقوفي معك‘ ولا بديل عني في قضاء حاجتك وانهاء مشكلتك، فامتنعتُ، وذلك للضغط على أخيك لتحصيل حقي منه اذ لا سبيل أمامي الا ذلك. وأنا أسألك – الآن – هل ترضى بامتناعي عن الوقوف لجانبك وأداءك حقك؟ والجواب بطبيعة الحال قولك لي:وما ذنبي أنا؟ والجواب الذي يقره الشرع والعقلاء جميعا أنني أكون سلكتُ طريقا ظالما، وهي رفع ظلم بظلم وتحصيل حق – وقد لا يحصل – بتضييع حق آخر، وهذا لا يكابر في حرمته ولا يقدم عليه أحد يتق الله ويخشاه، وإلا فإنّ تقواه سترده عمّا وقع فيه، والله جلّ وعلا يذكرنا بقوله:"واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثمّ توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون". وهذا لا يلزم منه ترك الحق وإنما يطلب الحق بحق وصبر
واعلموا انه لن يضيع عند الله شيء فانه لا بد من يوم ليس فيه درهم ولا دينار إنما هي الحسنات والسيئات ولا يظلم ربك أحدا .
فاتقوا الله واصبروا .. تؤجروا وتفلحوا.
واعلموا أن ربحَ الآخرةِ وغِنَاها خيرٌ من ربحِ الدُّنيا ، وأنَّ فوائدَ أموالِ الدُّنيا تَنْقضي بانقضاءِ العُمُر ، وتبقى مظالمها وأوزارُها ، فكيفَ يَسْتَجيزُ العاقلُ أن يستبدلَ الذي هو أدنى بالذي هو خيرٌ ، والخيرُ كُلُّه في سلامةِ الدِّين .
اخي المواطن طبيبا كنت او معلما،مالكا ومستاجرا، مهما كان عملك واين كان موقعك:
ايها السادة: انني اهيب بكم الوفاء بالعهد والقيام بالامانة، فان الامل معقود ان تكونوا من اهل قوله تعالى:"والذين هم لاماناتهم وعهدهم راعون". وليس ممن اذا ائتمنوا خانوا واذا عاهدوا غدروا. وقد علمتم حكم الله ورسوله ومن لم يحصل له ذلك فلا اقل من ان يتوجه بالسؤال لاهله، وقد قال الله – جل وعلا -:"وما كان لمؤمن ولا مؤمنة اذا قضى الله ورسوله امرا ان يكون لهم الخيرة من امرهم...".
كما على السادة العلماء والاخوة الدعاة الاهتمام ببيان احكام الاجارة للناس، فان كثيرا من ابناء امتنا اذا علم حكم الله وحكم رسوله استسلم وانقاد له فكم من مشكلة سببها غياب معرفة الحق فيها فاذا ظهر الحق للناس زال عنهم باطل الجهل والشبهة ولا يصر بعده على الباطل الا صاحب الهوى فان صاحب الشبهة تردعه الحجة، اما صاحب الهوى فلا يردعه الا التقوى او نارا تلظى.
فكونوا من اهل التقوى الذين يسمعون ويطيعون لامر الله، ولا تكونوا ممن قال الله فيه:"واذا قيل له اتق الله اخذته العزة بالاثم فحسبه جهنم ولبئس المصير". والشرع الحكيم قد أرشدنا:"لا تكونوا إمّعة تقولون إن أحسن الناس أحسنا وإن ظلموا ظلمنا، ولكن وطنوا أنفسكم، إن أحسن الناس أن تحسنوا وإن أساءوا فلا تظلموا".ت.
-4-
ثم اني اسألك بل واسأل انت كذلك نفسك وقل: هل تطيب نفوسنا أن نكون ممن يعين على الإثم والعدوان، ويخذل أهل الحق والداعين إليه ؟ والله سبحانه وتعالى يقول :{ وتعاونوا على البروالتقوى ولاتعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب}[المائدة:2]. فغايتكم بر وتقوى، فاحذروا وسيلة تشوهها لكم، فتنقلب حينئذ الى اثم وعدوان.
فإن قيل:نحن نعلم انه لا ينبغي ان نرفع ما وقع علينا من ظلم بظلم الآخرين، ولا ينبغي ان نحصل حقنا على حساب حقوق الآخرين، ولكن قد بدأ اخواننا الاضراب، ولا بد لنا من نصرتهم، ففي الحديث:"انصر أخاك ظالما أو مظلوما". والجواب بينه ربنا سبحانه وتعالى في الآية السابقة بقوله:" ولاتعاونوا على الإثم والعدوان ".
وقد ظهر ان هذا النوع من الاضراب اثم وعدوان، ويزداد المعنى وضوحا، لمن أتمّ حديث النبي – صلى الله عليه وسلم –:« انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا ». قِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ نَصَرْتُهُ مَظْلُومًا فَكَيْفَ أَنْصُرُهُ ظَالِمًا قَالَ :« تَمْنَعُهُ مِنَ الظُّلْمِ فَذَلِكَ نَصْرُكَ إِيَّاهُ ». وفي لفظ:تأخذ فوق يديه، اي تمنعه من الظلم، وفي لفظ:تكفه، ترده ، تمسكه، تحجزه .
وسببه :ما أخرجه أحمد ومسلم عن جابر بن عبد الله قال : اقتتل غلامان غلام من المهاجرين وغلام من الأنصار فقال المهاجري : يا للمهاجرين ، وقال الأنصاري : يا للأنصار ، فخرج رسول الله فقال : " أدعوى الجاهلية " ؟ قالوا : لا والله إلا أن غلامين كسح أحدهما الآخر فقال : " لا بأس لينصر الرجل أخاه ظالما أو مظلوما فإن كان ظالما فلينهه فإنه له نصرة وإن كان مظلوما فلينصره ". (الفتح/7/350. وشرح السنة،للبغوي/13/97/رقم/3517. واللمع في أسباب ورود الحديث،جلال الدين السيوطي/1/63)
قال الامام القرطبي – رحمه الله – المفهم/9/326: النصر هو العون ... ومنع الظالم من الظلم عون له على مصلحة نفسه ، وعلى الرجوع إلى الحق . اهـ.
فإذا كان ظالماً تكفه عن الظلم، وهو نصر له، وإذا كان مظلوماً تسعى جاهداً برفع الظلم عنه لكن الأمور والأحوال والظروف لها ما يحتف بها، إذا كنت عاجز عن نصره فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها؛ لكن يبقى إذا كنت قادر على نصره تعين عليك نصره. (الشيخ عبد الكريم الخضير،شرح جوامع الاخبار/7/25).
قلت:وصورة المسالة ان اخواننا ظالمون ومظلومين في آن واحد ، مظلومون ممن لهم عنده الحق ، وظالمون لغيره، ونصرتهم هنا تكون بدعمهم وعونهم الى ان ينالوا حقهم، كما تكون في الوقت نفسه بمنعهم من ظلم من لا ذنب له، ونصحهم بالرجوع الى الحق، وهذا ليس تخذيلا كما يسميه البعض – هدانا الله واياهم – وانما هي النصرة على وجهها المرضي. لان المسلم لا يحل إيصال الأذى إليه بوجه من الوجوه من قول أو فعل بغير حق وقد قال الله تعالى:" والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا". الأحزاب .
-5-
وختاما
أيها الأخ الكريم : فاتق الله ما استطعت ، ففي تقوى الله كل خير ، وهي سبب في تفتح أبواب الرّزق قال سبحانه وتعالى :{ ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لايحتسب } [الطلاق:3] وبعد : أسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلني وإياك ممن يستمعون القولَ فيتبعون أحسنه فإن الله سبحانه وتعالى يقول في من هذه حاله :{ فَبَشِّرْ عِبَاد * الَّذِيْنَ يَسْتَمِعُوْنَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُوْنَ أَحْسَنَه أولئِكَ الذين هَدَاهُمْ اللَّهُ وأولئِكَ هُمْ أُولُو الألْبَاب} [الزّمر :18] .
واعلموا ايها السادة:"ان من لم يراقب العواقب غلب عليه الحس ، فعاد عليه بالألم ما طلب منه السّلامة وبالنَّصَب ما رجا منه الرّاحة . وبيان هذا في المستقبل ، يتبين بذكر الماضي ، ولنذكر اننا نعيش في نعمة امن منّ الله بها علينا، فالحذر من خسرانها، ولو من غير قصد، فنكون كمن أراد أن يقوم من عثرة فوقع في حفرة، وانتم اهل فضل وتعلمون ان مستعظم النار من مستصغر الشرر، والسعيد من وعظ بغيره!
والحمد لله والصّلاة والسّلام على رسول الله .
(وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ)
بعض المراجع:
الامام ابن تيمية،الفتاوى/30/168، 185-188، 199، 219، 296.
مصطفى الزرقا،المدخل الفقهي العام،تقديم عبد القادر عودة/1/513-522. ط/1418هـ.
نوح سلمان القضاة، ابراء الذمة من حقوق العباد/107-109. ط/1407.
بحث بقلم:دخيل العواد، تقديم عبدالله الجبرين
حكم الإضراب عن العمل
سئل فضيلة الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله تعالى -
ما حكم الإضراب عن العمل في بلد مسلم للمطالبة بإسقاط النظام العلماني ... وبعد الإضراب يُقدّم الذين أضربوا مطالبَهُم، وفي حالة عدم الاستجابة لهذه المطالب، هل يجوز مواجهة النظام بتفجير ثورة شعبية ؟.
فأجاب - رحمه الله - :
1- هذا السؤال لا شك أن له خطورته بالنسبة لتوجيه الشباب المسلم وذلك أن قضية الإضراب عن العمل سواء كان هذا العمل خاصا، أو بالمجال الحكومي، لا أعلم له أصلا من الشريعة يُبنى عليه.
ولا شك أنه يترتب عليه أضرار كثيرة، حسب حجم هذا الإضراب شمولا، وحسب حجم هذا الإضراب ضرورة، ولا شك أنه من أساليب الضغط على الحكومات والذي جاء في السؤال أن المقصود به إسقاط النظام العلماني.
وهنا يجب علينا إثبات أن النظام علماني أولا.
ثم إذا كان الأمر كذلك فليعلم أن الخروج على السلطة لا يجوز إلا بشروط .....
2- لا أرى أن تقام ثورة شعبية في هذه الحال لأن القوة المادية بيد الحكومة كما هو معروف، والثورة الشعبية ليس بيدها إلا سكين المطبخ وعصا الراعي، وهذا لا يقاوم الدبابات والأسلحة، لكن يمكن أن يتوصل إلى هذا من طريق آخر إذا تمت الشروط السابقة .
ولا ينبغي أن نستعجل الأمر لأن أي بلد عاش سنين طويلة مع الاستعمار لا يمكن أن يتحول بين عشية وضحاها إلى بلد إسلامي، بل لا بد أن نتخذ طول النفس لنيل المآرب.
والإنسان إذا بنى قصراً فقد أسّس، سواءً سَكَنَهُ أو فارقَ الدنيا قبل أن يسكنه، فالمُهمّ أن يبني الصّرْحَ الإسلامي وإن لم يتحقق المراد إلا بعد سنوات.
فالذي أرى ألا نتعجل في مثل هذه الأمور، ولا أن نثيرَ أو نفجر ثورة شعبية، لأن المسألة خطيرة وتعرفون أن الثورة الشعبية غالبها غوغائية لا تثبت على شئ، لو تأتي القوات إلى حيٍّ من الأحياء وتقضي على بعضه لكان كل الآخرين يتراجعون عما هم عليه] .
[انتهى كلامه - رحمه الله تعالى -].
المصدر : كتاب : [فتاوى الأئمة في النوازل المدلهمة ص 175
للمزيد من المستجدات النقابية اضغط أسفله

عن الكاتب

الأستاذ ابراهيم

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

موقع دروسي